كتبت/فريدة عبدالحليم
في عالم مليء بالغموض والأسرار، يظهر "Zodiac" كأحد أكثر الأفلام تعقيدًا، التي تأخذ المشاهد في رحلة مروعة عبر التحقيقات الصحفية وألغاز الجرائم التي لم تُحل. مستوحى من قصة حقيقية، "Zodiac" يتبع مسار القاتل الشهير "زودياك"، الذي هز مدينة سان فرانسيسكو في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، تاركًا وراءه رموزًا وألغازًا كانت تُثير قلق الشرطة والإعلام لعقود طويلة.
جيك جيلينهال يُجسد شخصية روبرت جريفين، صحفي في صحيفة "سان فرانسيسكو كرونيكل"، الذي أصبح مهووسًا بالكشف عن هوية القاتل الذي أرسل رسائل مشفرة تهدد بالكشف عن المزيد من الضحايا إذا لم تُحل ألغازها. لكن ما يجعل الفيلم مميزًا ليس فقط القصة نفسها، بل العمق النفسي الذي يقدمه جيلينهال في شخصيته. روبرت ليس مجرد صحفي يحاول حل قضية، بل إنسانًا يعاني من عبء الحقيقة، الذي يلاحقه في كل زاوية من زوايا حياته الشخصية والمهنية.
"Zodiac" ليس فقط عن القاتل، بل عن التحقيقات التي لا تنتهي، عن الأشخاص الذين يعيشون في الظلال محاولين فتح الأبواب المغلقة، ولكنهم في النهاية يدركون أن بعض الألغاز لا يمكن حلها، وأن البحث عن الحقيقة قد يُدمرهم. القاتل، في النهاية، يبقى هويته غير معروفة، ويبقى سؤاله معلقًا في الهواء، بينما تنشأ إحباطات الصحفيين والشرطة على حد سواء.
الفيلم يتنقل بين التوتر النفسي، والتحقيقات المعقدة، والتوترات الإنسانية التي تظهر بين الشخصيات بينما يحاولون التعامل مع اللغز المميت. جيلينهال يُظهر صراعًا داخليًا حقيقيًا بين الواجب والـ عواقب الشخصية، وبين ما إذا كان الوصول إلى الحقيقة يستحق التضحية بكل شيء آخر.
في النهاية، "Zodiac" هو أكثر من مجرد فيلم جريمة؛ هو دراسة عن الوساوس التي تلتهم الشخصيات، عن التصميم على البحث في عمق المجهول، والذين يظلون مأسورين في محاولة فهم شيء لا يمكن فهمه.