كتبت: سهام إبراهيم علي.
يُعتبر صوم يونان، المعروف بـ"صوم أهل نينوى"، أحد أصوام الدرجة الأولى في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، ويتميز بعمقه الروحي ورسالته المرتبطة بالتوبة. في عام 2025، يبدأ صوم يونان يوم الإثنين الموافق 10 فبراير، ويستمر حتى الأربعاء 12 فبراير، ويكون الفصح الخميس الموافق 13 فبراير، وهو أقصر صوم في الكنيسة القبطية، حيث يمتد لثلاثة أيام فقط، لكنه يحمل في طياته معاني روحية عظيمة مستوحاة من قصة يونان وأهل نينوى.
ارتباط قصة يونان بالسيد المسيح
الصوم المعروف ب (صوم يونان) مدته ثلاثة أيام، وهو يسبق عادة الصوم الكبير بخمسة عشر يومًا، ويعرف (فطر) صوم يونان بـ(فصح يونان) وهو اصطلاح كنسي فريد لا يستخدم إلا بالنسبة لعيد القيامة المجيد الذي يطلق عليه أيضا (عيد الفصح) مما يدل علي أن الكنيسة تنظر إلي قصة يونان علي أنها رمز لقصة المسيح، والفصح كلمة عبرانية معناها (العبور).
فكما حمل الحوت يونان، وكان يونان حيًا في الحوت علي الرغم من أنه في حكم الميت، فكان الحوت ليونان بمثابة القبر للمسيح الرب، وكما خرج يونان النبي حيًا بعد أن ابتلعه الحوت ثلاث أيام وثلاث ليال، خرج المسيح من القبر حيا بعد أن ذاق الموت بالجسد.
طقوس صوم يونان
في الكنيسة
خلال صوم يونان، تُقام الصلوات اليومية التي تتميز بطابعها الروحي العميق، وتطلق الكنيسة أكثر من قداس خلال اليوم لمشاركة أكبر قدر من الشعب، كما يتضمن القداس صلوات خاصة، ويُقرأ سفر يونان من الكتاب المقدس، الذي يسرد القصة كاملة. يلتزم الأقباط بالامتناع عن تناول الأطعمة الحيوانية ومنتجاتها، بالإضافة إلى الالتزام بفترات انقطاع أطول عن الطعام، كتعبير عن التوبة والانضباط الروحي.
صوم يونان والهوية القبطية
يعتبر صوم يونان في حكم أصوام المرتبة الأولي، فيصام انقطاعيًا صومًا نسكيًا إلي ساعة متأخرة، ولا يأكلون فيه السمك، مثله في ذلك مثل الصوم الأربعيني، والأربعاء والجمعة وأسبوع الآلام، وبرمون عيديّ الميلاد والغطاس المجيدين.
إذ يجمع بين التقليد الكنسي العريق وروح التوبة المستمدة من الكتاب المقدس. يُعد هذا الصوم رمزًا لقدرة الإنسان على تغيير مصيره الروحي من خلال الصلاة والصوم والإيمان العميق. لذلك يبقى صوم يونان محطة روحية فريدة في السنة القبطية، فهو فرصة للتأمل والتصالح مع الذات ومع الله، ودرس مستمر يذكر بأن رحمة الله تفوق كل شيء، وأنه دائمًا في انتظار كل من يعود إليه بتوبة صادقة.