بقلم : خالد السلامي
في الرابع من فبراير من كل عام، يُجدد العالم التزامه بمبدأ أساسي ولكنه غالبًا ما يُهمل: الأخوة الإنسانية. يأتي اليوم الدولي للأخوة الإنسانية كفرصة للتذكير بأن الإنسانية، بكل تنوعها واختلافاتها، يمكن أن تتحد في سبيل السلام والتفاهم المتبادل.
يعود تاريخ هذا اليوم إلى الوثيقة التاريخية التي وقعها البابا فرنسيس وشيخ الأزهر أحمد الطيب في عام 2019، والتي تمثل نداءً عالميًا للحوار بين الأديان والثقافات. في هذا اليوم، نُذكر أنفسنا بأن الإنسانية تشترك في مبادئ أساسية مثل الكرامة، الحرية، والمساواة، بغض النظر عن الخلفيات الثقافية أو الدينية.
في زمن يشهد العالم فيه انقسامات متزايدة، يبرز اليوم الدولي للأخوة الإنسانية كمنارة أمل. إنه يدعونا إلى النظر إلى ما هو أبعد من اختلافاتنا السطحية والعمل معًا نحو هدف مشترك: بناء عالم أكثر عدلاً وسلامًا.
الاحتفالات والفعاليات التي تُقام حول العالم في هذا اليوم تُبرز قصص نجاح ملهمة لأشخاص من مختلف الأديان والثقافات يعملون معًا من أجل الخير العام. هذه القصص تُظهر قوة الحوار والتفاهم المتبادل كأدوات لتجاوز الحواجز وبناء جسور التواصل.
الإسلام، برسالته السماوية، يحمل في جوهره دعوة للتعايش والاحترام المتبادل. في القرآن الكريم، يقول الله تعالى: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا" (الحجرات: 13). هذه الآية الكريمة تلخص مبدأ الأخوة الإنسانية، مؤكدة على أهمية التنوع والتعرف بين الناس.
النبي محمد صلى الله عليه وسلم، بصفته خاتم الأنبياء، كان مثالاً يُحتذى به في تعزيز الأخوة بين البشر. فقد كان يعامل الجميع بالعدل والرحمة، مبينًا أن الأخوة الإنسانية لا تقتصر على المسلمين وحدهم بل تمتد لتشمل الإنسانية جمعاء.
في الحديث الشريف، يقول النبي محمد: "كلكم لآدم وآدم من تراب"، مؤكدًا على المساواة الجوهرية بين جميع البشر. هذه الفكرة تحض على التعاطف والتعاون بين الناس، بغض النظر عن اختلافاتهم العرقية أو الدينية.
الأخوة الإنسانية في الإسلام تتجاوز الحدود الجغرافية والزمانية. فهي تدعو إلى بناء جسور التفاهم والحوار، وتحتضن قيم العدالة والسلام والمساواة. في عالم يسوده التنافر والصراع، يظل مفهوم الأخوة الإنسانية في الإسلام رسالة خالدة، تحث على الوحدة والتعاطف بين البشرية جمعاء.
الأخوة الإنسانية في الإسلام ليست مجرد مفهوم مجرد، بل هي تعبير عن إيمان عميق بوحدة البشرية وكرامتها. يُظهر الإسلام أن كل البشر متساوون في الأصل والمصير، وأن التعاون والتعاطف هما السبيلان الأمثلان لبناء مجتمع متماسك ومزدهر. يؤكد القرآن الكريم والسنة النبوية على هذه القيم بقوة، مشددين على العدل، الرحمة، والتسامح كأسس للعيش المشترك.
وفي خضم هذا العالم الذي يعج بالتحديات والتوترات، تبرز الأخوة الإنسانية كمبدأ أساسي في الإسلام، وكواحدة من القيم الجوهرية التي تحملها دولة الإمارات العربية المتحدة في سياستها ومجتمعها. ففي الرابع من فبراير من كل عام، حيث يُحتفل باليوم الدولي للأخوة الإنسانية، تتجلى أهمية هذا المفهوم وتأثيره العميق على العلاقات الإنسانية والسلام العالمي.
تتبنى دولة الإمارات العربية المتحدة، بقيادتها الرشيدة، هذه المبادئ الإسلامية وتسعى جاهدة لترجمتها على أرض الواقع.
تعد الإمارات مثالاً حياً على التنوع والتعددية، حيث تحتضن أكثر من 200 جنسية تعيش جنباً إلى جنب بسلام ووئام. إن السياسات التي تنتهجها الدولة، والتي تشمل الحوار بين الأديان وتعزيز التفاهم المتبادل، تعكس التزامها العميق تجاه تعزيز الأخوة الإنسانية.
لا يقتصر تأثير الإمارات في هذا المجال على حدودها الجغرافية، بل يمتد ليشمل العالم بأسره. من خلال مبادرات مثل "وثيقة الأخوة الإنسانية" التي تم توقيعها في أبوظبي، تسعى الإمارات لتكون جسراً للتواصل والسلام العالمي. هذه الوثيقة، التي تجمع بين الأديان والثقافات المختلفة، تعتبر خارطة طريق نحو عالم يسوده الاحترام المتبادل والتعايش السلمي.
لنستلهم من هذا اليوم العزم على تعزيز الوحدة والتسامح، ونعمل جاهدين لتحقيق رؤية عالم يُعترف فيه بالتنوع كقوة وليس كنقطة ضعف.
اليوم الدولي للأخوة الإنسانية ليس مجرد مناسبة للاحتفال، بل هو دعوة للعمل الدائم نحو مستقبل يسوده السلام والاحترام المتبادل.
المستشار الدكتور خالد السلامي - سفير السلام والنوايا الحسنة وسفير التنمية ورئيس مجلس إدارة جمعية أهالي ذوي الإعاقة ورئيس مجلس ذوي الهمم والإعاقة الدولي في فرسان السلام وعضو مجلس التطوع الدولي وأفضل القادة الاجتماعيين في العالم لسنة 2021 وحاصل على جائزة الشخصيه المؤثره لعام 2023 فئة دعم أصحاب الهمم وحاصل على افضل الشخصيات تأثيرا في الوطن العربي 2023 وعضو اتحاد الوطن العربي الدولي.