كتب : أحمد عزت
بلاغ إلى فخامة رئيس الجمهورية وإلى دولة رئيس الوزراء والى النائب العام..من يحمى حمادة سليم ويعرقل القانون ويضيع ملايين على الدولة ويزج بأبرياء إلى السجن.
لم يكن أحد يتخيل أنه خلال عدة سنوات يتحول الفتى البسيط محمد القادم من بلدته بحثا عن فرصة عمل تعينيه على تدبير نفقات أسرته أن يكون واحدا من أشهر المهربين في مطار القاهرة الجوى وأن يذيع صيته بين أقران مهنة التخليص الجمركي حتى بات رمزا يحتذى في العمليات "الشمال" ومرجعا لكل من سول له الشيطان أن يسير في طريق الحرام مستغلا ثقة عملائه تارة وسذاجة من يعملون معه تارة أخرى ومع كل عملية تهريب يقوم بتجهيز ضحية جديدة.
ورغم مهارته الفائقة في المراوغة وشهرته بأنه "سالك ومسنود" إلا أن تحريات المباحث رصدته في عملية تهريب قدرت قيمة الرسوم الجمركية عليها بنحو مليار جنيه في أثناء قيامه بتهريبها بمطار القاهرة من خلال واحدة من أكبر الشركات العاملة بالمطار بعد اتفاقه مع مسئولى المخازن ليتم الحكم عليه غيابيا بـ7 سنوات ورغم سجله الإجرامي وصدور عدة أحكام ضده لايزال يتحرك بحرية تامة ويمارس عمله معلنا أنه فوق القانون وناشرا بين أقرانه أن هناك من يسانده من إحدى الجهات الرقابية.
البداية كانت عام 2004 عندما التحق محمد ع بأحد مكاتب التخليص الجمركي للعمل مندوبا مقابل بعض الجنيهات تكاد تكفيه وفيها عرف "الفولة" وكيف تدار عمليات التهريب ونظرا لطموح الفتى القادم من قاع المجتمع وحلم الثراء وقدرته على الاقناع نال ثقة مدير المكتب وبدأ يعتمد عليه وبينما هو في شركة (...) للشحن الجوي سمع اسم "وائل" أشهر مخلص جمركي للبضائع المتعثرة وعاد ليلته لم ينم حتى وصل إليه طالبا العمل معه حتى خادما وسرعان ما التقى بوائل الذي وضعه تحت الاختبار وسرعان ما اطمأن اليه واعتبره "ذراعه اليمين" ولما لا والاخطبوط ليس لديه خطوط حمراء وفي ليلة من ليال شهر أكتوبر عام 2006 كان موعده في لقاء بأحدى الفلل المشهورة بالمقطم وهناك التقى بكبار المستخلصين الجمركيين والتجار ومعهم قيادات مشهورة بمصلحة الجمارك ومسئولين مهمين في احتفال وعزومة بمناسبة توقيع عقد شراكة بين بعض رجال الاعمال وتعرف على الباشا.
ومن هنا كانت نقطة التحول في حياته بعدما سال لعابه حول الملايين التي يتم تحصيلها من الهواء فعملية تهريب واحدة كفيلة بأن تدخله عالم الكبار فالتقى بـ م ح مدير المخازن بشركة (...) للشحن الجوى وتم الاتفاق على أن يقوم محمد بالاتفاق مع أصحاب البضائع المراد استيرادها على تسليمهم البضائع خارج المطار وهو من يتولى العملية من البداية للنهاية وقد تزامن ذلك مع النمو الهائل في عالم المحمول وكان الاتفاق على استيراد شحنة موبايلات على أنها قطع غيار " أكسوارات محمول" وكانت تقدر قيمة الرسوم الجمركية لها مليون و200 ألف بينما الشحنة البديلة والتي تمت الاجراءات لها تقدر جماركها بنحو 150 ألفا وكانت خبطة العمر وقتها لشاب كان بالكاد يوفر قوت يومه من جنيهات بسيطة كان يتقاضاها في أول عمله في التخليص وتم تقسيم فرق الجمارك وكانت حصته ربع القيمة بينما الباقي كان نصيب مدير المخازن وباقي فريق العمل مع حفظ نصيب الباشا ومعهم ...مدير المستودعات بمصلحة الجمارك والذي تم القبض عليه مؤخرا في قضية رشوة.
ولمع صيت الشاب محمد وأصبح مقصدا لكل المستوردين في مطار القاهرة للهروب من روتين الجمارك ومافيا المخازن واستمر الحال وبدأ الشاب يستقدم شبابا للعمل معه في المجال مفضلا "العجينة الخام" وفي حال أي خطر يتم التضحية بأحدهم على أن يقوم بمساندته في أجراءات المحاكمة حتى براءته مستغلا نفوذه وعلاقاته ومن ذلك القضية التي شهدت أحداثها الدائرة الـ22 بالعباسية وحملت رقم 18456 لسنة 2021 جنايات النزهة وتم الحكم فيها على 4 مستخلصين بالسجن 15 عاما ومنهم أقارب محمد ع.
العام 2017 وتغير خط السير وخبطة العمر
ويأتي العام 2017 عندما قرر الشاب محمد ع وشهرته حمادة سليم أن يخبط خبطة العمر بعدما أسس شركة للتخليص الجمركي خاصته تحمل اسم "أو...ت" فقام بالتقدم لمصلحة الجمارك لتخليص الشحنة على أنها قطع غيار محمول وبدأ في اجراءتها بنفس السيناريو يتم تقديم عينة لمسئول الكشف بالجمارك ويتم التسعير على أساسها وبعد انهاء عمليات التخليص تقوم المخازن بتبديل المشمول بمساعدة مدير عام المخازن ليخرج مشمول آخر ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهيه سفينة محمد ع وعصابته حيث اشتبه مأمور جمرك الحركة في المشمول وبفتحه تبين أن الشحنة عبارة عن أجهزة محمول وليس اكسسوارا وتم تحرير محضرين حملا رقمي 6و7 لسنة 2017 برقم بيان جمركي 24990 لسنة 2017 ورغم حجم الخطر قام الفتى بالطعن على محضر الضبط مقدما أوراقا من الشركة الموردة من دبي بأن الشحنة تم توريدها لمصر بالخطأ وأنها كانت موردة لشركة بالمملكة العربية السعودية وأن الشحنة التي تخصه هي قطع غيار "اكسسوار محمول" وقام محاميه في 27 سبتمبر 2017 بالطعن على اللجنة المشكلة من الجمارك وقرر بمحضر الضبط الجمركي بأن البضائع المضبوطة محل الوقائع وصلت الى القاهرة بطريق الخطأ وأنه كان مقررا شحنها للسعودية.
الجمارك تكشف الملعوب ومستشار وزير المالية يحقق بنفسه
ولكن مصلحة الجمارك المصرية لم تقتنع وقامت بمخاطبة جمارك دبي بتاريخ 14/3/2018 للإفادة عن صحة ما تدعيه شركة محمد ع من كون البيانات الجمركية أرقام "24990و34915و24916و24917" لبوليصة الشحن الخاصة بها قد تم شحنها من مطار دبي الدولى الى مطار القاهرة الدولي بالخطأ وأنه كان مقررا شحنها للسعودية وهل تم شحن الرسالة الاخرى التي تم على اساسها عمليات التخليص الجمركي من عدمه وكانت المفاجأة التي أربكت حساباته ودفعته مستقبلا لتغيير اسم الشركة والعمل تحت مظلة شركاء..
حيث جاء في 10/7/2018 كتاب سفارة الامارات العربية المتحدة والمتضمن رد الهيئة الاتحادية لجمارك دبي والمبين نوع البضاعة وفقا لحقيقة كل صنف وعدد الطرود بأن عملية الشحن سليمة وأن البضائع كانت وجهتها مصر وأن قيمتها من خلال الفاتورة الرسمية كانت 3 ملايين و73 ألف درهم وأن الاوراق والمستندات التي قدمتها الشركة الخاصة بالاخطبوط غير صحيحة وأن الفاتورة التي قدمها لا تعادل سوى 1 % من القيمة الحقيقية للبضائع وتم حظر شركته من التعامل مع الجمارك مما دفعه للعمل من خلال شركات أخرى أحدها تعمل بها زوجته..بعدما تولى المستشار القانوني لوزير المالية الإشراف على القضية بنفسه وانتهت بادانة الأخطبوط إدانة صريحة.
وفي عام نوفمبر 2022 عاود الاخطبوط نشاطه بالعملية الكبرى بعدما استتر بتعليمات الباشا خلف شركائه ولكن الأجهزة الرقابية كانت له بالمرصاد حيث تم ضبط الشحنة في أثناء اجراءات الإفراج عنها وقدرت قيمة الرسوم الجمركية وفقا لهيئة الرقابة الادارية بنحو مليار جنيه والتي كانت تتم بنفس سابقتها وكأن الاخطبوط لم يعد يبالى بعدما تشعبت علاقاته مع الكبار و تم التحفظ على الشحنة وتقديم الواقعة للمحاكمة وصدور الحكم ضده بعدما اعترف عليه شريكه في 6/8/2023 في القضية التي حملت رقم 14951 لسنة 2023 جنايات النزهة تربح بالسجن المشدد 7 سنوات بخلاف القضايا 730 لسنة 2020 المحكمة الاقتصادية و448 لسنة 2022 بالحبس والغرامة رغم قيامه بتأمين نفسه بانه لن يقع.
وحتى كتابة هذه السطور لايزال الأخطبوط أو مارد الشغل الشمال كما يلقبه أرباب المهنة يمارس عمله بكل حرية داخل المطار ومن أمن العقوبة أساء الأدب فهل يتحرك مكتب النائب العام لفحص قضاياه وانقاذ ضحاياه من غيابات السجون.