كتب/ فايزفوزى
كان الرضيع إدريس ملفوفا بكفن أبيض وبطانية زرقاء فاتحة منقطة، وتحتضن جدته جسده الصغير قرب صدرها وتبكي بلا توقف، وهي تجلس وسط صفوف من الجثامين المسجاة على الأرض داخل أحد مستشفيات غزة.
وكان إدريس الدباري، الذي ولد قبل شهر واحد بينما الحرب مستعرة حوله، يعيش مع أسرته في خيمة في رفح جنوبي قطاع غزة، عندما قتل هو ووالدته وفاء في ضربة جوية إسرائيلية، الإثنين.
وبعد الضربة، وضعت جثث أكثر من 12 شخصا من البالغين والأطفال على بطانيات على الأرض في مستشفى أبو يوسف النجار في رفح، جميعها ملفوفة في أكفان بيضاء مكتوب عليها أسماء وتواريخ الوفاة باللون الأسود.
ومن بين الأقارب المكلومين الذين أحاطوا القتلى أم زياد الدباري، جدة إدريس، التي فكت الجزء العلوي من الكفن بلطف حتى تتمكن من رؤية وجهه وتمسيد شعره الأسود الناعم وهي
وقالت وصوتها يتهدج من البكاء "ولد أول الحرب، منذ شهر أو شهر وقليل".
وأضافت: "حبيبي"، وقبلت جبهة إدريس قبل أن تكرر بصوت خافت: "حبيبي".
ووضع جثمان إدريس فوق جثمان والدته التي كتب على كفنها عبارة: "الشهيدة وفاء الدباري" وتاريخ وفاتها 12 ديسمبر 2023، وبقيت أم زياد جاثية على ركبتيها بجانبهما، ويدها فوق إدريس.
ومنذ أسابيع تدك إسرائيل غزة بقصف جوي عنيف ثم اجتياح بري في وقت لاحق، بهدف معلن هو تدمير حركة حماس واستعادة رهائن تحتجزهم في القطاع المنكوب.
وأسفرت الهجمات الإسرائيلية عن مقتل أكثر من 18 ألف شخص، معظمهم من النساء والأطفال، وفقا لوزارة الصحة في غزة.