كتب : فايزفوزى
طلب الرئيس الأمريكي جو بايدن من الكونجرس الأمريكي الموافقة على منح إضافية جديدة للكيان الصهيوني بقيمة 14 مليار دولار، تُضاف إلى المنحة العسكرية السنوية البالغة 3,8 مليار دولار التي بدأ تنفيذها عام 2018 وتستمر حتى عام 2027.
هذا يعني أنّ المنح الأمريكية لهذا الكيان ستبلغ 17,8 مليار دولار هذا العام، بواقع 1816 دولارًا للفرد. ولإدراك هول تلك المساعدة فإنّ بلدًا مثل المغرب لو حصل على مساعدات مماثلة مع وضع عدد السكان في الاعتبار، فإنه من المفروض أن يحصل على أكثر من 67 مليار دولار في عام واحد. ووفقًا للمعيار نفسه فإنّ مصر من المفروض أن تحصل على نحو 196 مليار دولار.
المذهل أنّ الكيان الصهيوني يصنّف منذ بداية تسعينيات القرن الماضي على أنه ضمن دول الدخل المرتفع وفقًا للمؤسسات المالية الحكومية الدولية وعلى رأسها صندوق النقد والبنك الدوليين، حيث تكفّلت جبال المساعدات من مختلف المصادر، وبالأساس من الولايات المتحدة وألمانيا والجباية اليهودية، بتحويله من كيان بائس إلى واحد من أغنى جزر الثراء في العالم بشكل مصنوع وليس بعمل وعلم السكان في هذا الكيان. ورغم ذلك فإنه ما زال أكبر متلقي للمنح في العالم حتى الآن باستثناء عامي 2022 و2023 حيث حصلت أوكرانيا على مساعدات أمريكية وأوروبية هائلة لغرض استنزاف روسيا.
والمسخرة الحقيقية أنّ أفقر 10% من السكان في الولايات المتحدة وهُم حوالى 33,5 مليون نسمة يحصلون على 1,9% من الدخل القومي الأمريكي. ومتوسط نصيب الفرد منهم من الدخل حوالى 15285 دولار، أي أقل من 29% من متوسط نصيب الفرد من الدخل في الكيان الصهيوني!!، وأي عاقل سيجد أنّ هؤلاء الفقراء في الولايات المتحدة بالمعايير الأمريكية، هُم الأولى بالمساعدات التي يتم منحها بسخاء للكيان الصهيوني الثرِي بلا مبرّر حاليًا سوى تحويله لغول عسكري يرهب دول الجوار العربي والإقليمي، وجزيرة ثراء خيالي تغري اليهود للهجرة إليها.
وإن كان تنطع الكيان الصهيوني نفسه واستغلاله لأي أزمة لطلب مساعدات وابتزازها من الولايات المتحدة هو سلوك معتاد من ذلك الكيان الغاصب الذي تأسّس بالاغتصاب ويستمر بالعدوان ممولًا بجبل من المساعدات الغربية.
تشير بيانات صندوق النقد الدولي في تقريره عن آفاق الاقتصاد العالمي الصادر في أكتوبر 2023، إلى أنّ متوسّط نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في الكيان الصهيوني بلغ 53196 دولارًا عام 2023، مقارنةً بنحو 52824 دولارًا للفرد في ألمانيا، ونحو 33950 دولارًا للفرد في اليابان، ونحو 46315 دولارًا للفرد في فرنسا، ونحو 37146 دولارًا للفرد في إيطاليا، ونحو 48913 دولارًا للفرد في بريطانيا، أي أنه صار أغنى من كل هؤلاء الأثرياء. ورغم ذلك يتلقى منحًا سنوية ضخمة من الولايات المتحدة ومن ألمانيا ومن صهاينة العالم أيًا كانت دياناتهم!
وكانت تلك المساعدات العسكرية والاقتصادية في السابق قد تكفّلت بتمكين العصابات الصهيونية من اغتصاب فلسطين عام 1948 ومن استيعاب الهجرات الضخمة التي ضاعفت تعداد الكيان المغتصِب بعد حرب الاغتصاب عام 1948، ومن بناء اقتصاد صناعي متقدّم بتمويل خارجي شبه كامل. وقبل تأسيس الكيان الصهيوني مباشرة أي في بداية عام 1948 بلغ تعداد السكان العرب نحو 1,3 مليون نسمة، مقابل 650 ألف يهودي غاليتهم الساحقة من المهاجرين الصهاينة الذين توجهوا لفلسطين بتسهيل ورعاية من الامبراطورية الاستدمارية البريطانية، وتم تمويل هجرتهم وتوطينهم من أثرياء الصهاينة ومن الغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة. وكان عدد السكان العرب فى المنطقة التى احتلّها الكيان الصهيوني وأعلن دولته فيها عام 1948 يقدّرون بـ700 ألف فلسطيني. ولكن بعد نهاية حرب 1948 كان كل ما تبقى من العرب في حدود فلسطين المحتلة عام 1948 حوالى 156 ألفًا فقط. وكانت العمليات الإرهابية الصهيونية والطرد خلال حرب الاغتصاب قد تكفّلت بإبعاد الغالبية الساحقة أو نحو 544 ألفًا من الفلسطينيين من أراضيهم التي احتلّها الكيان الصهيوني عام 1948.