recent
أخبار ساخنة

هل أساء الرئيس عبد الناصر إدارة الجيش المصري ؟

الصفحة الرئيسية

بقلم/ محمد الخولي 

عند ذِكر إسم الزعيم عبد الناصر يتبادرُ للبعض بعضُ المعلومات الخاطئة في القيادة العسكرية لهذا الرجل ، فنري من يتهمه بالفشل العسكري ، وأنه اضاع سيناء ، ولم يفعلُ شيئاً في العداون الثلاثي ، وأنه أقحم مصر في حرب ليس لمصر فيها ناقة ولا جمل ، ألا وهي حرب اليمن.

ولكن الحقيقة أن هذا الرجل ليس بالصورة التي يتصورها البعض.

من يتبادر له أن الجيش المصري في عهد الزعيم جمال عبد الناصر كان جيش ضعيفا فهو مخطئ ، كان هذا الجيش من أقوي جيوش المنطقة ، وهو الذي عمل جاهداً في خمسينيات القرن الماضي علي تسليح هذا الجيش ، وإمداده بأفضل الأسلحة والمعدات ، وقد نجح عبد الناصر في تسليح الجيش المصري.

وعند ذكر العدوان الثلاثي ، يتبادر إلى الأذهان ، أن الفضل في صد العدوان يعود لقوات الشعب المصري من الفدائيين ، ولكن ما لا يعلمه البعض أن الزعيم عبد الناصر ، قاد عملية صد العدوان بكل كفاءة ، فنري عبد الناصر يتولي مهام القيادة بنفسه ، وحينما رأت القيادة العامة للجيش أنهم يجب أن يتصدوا للقوات للقوات الفرنسية والبريطانية في أراضي الدلتا ، رفض عبد الناصر هذا الأمر ، وعلم ما يدور في أذهان قادة القوات البريطانية والفرنسية ، فكان علي علم أن قوات الإحتلال ، تريد القناه فقط ، فرأي أن تركُز القوات المصرية حول القناة أفضل ، وهذا يثبت مدي مهارة عبد الناصر في القيادة العسكرية.

وطوال فترة العدوان ، كان عبد الناصر يقيم في مجلس قيادة الثورة القديم ، وفي إحدي الليالي خرج إلي الجبهة فجراً في يوم ٥ نوفمبر ١٩٥٦ م ، وهناك اشرف علي الخطط العسكرية ، مثل إهتمامه بعملية إنزال المظللين.

وهكذا تُبين لنا الأحداث ، أن عبد الناصر قاد عملية المقاومة بسياسة حكيمة ، وبرهن أنه خبير عسكري من الطراز الأول ، ، وتُثبت لنا الأحداث أن عبد الناصر لم يهمل قيادة الجيش في فترة العدوان الثلاثي.

وعند ذكر حرب اليمن ، ينتهز من لا يحبون الزعيم عبد الناصر الفرصة ، ويظلوا يرددوا عبارات : أن عبد الناصر اقحمنا في حرب لا شأن لنا بها ، وأنه اضاع الجيش المصري في اليمن ، ، وللأسف هناك الكثير من الناس لما كل هذا ؟ ، ولماذا دخلت مصر في حرب اليمن؟

كانت اليمن تحت حكم الإمام أحمد إمام اليمن ، الرجل الذي كان يمنع في بلاده أصوات الحرية ، والذي حاول الزعيم عبد الناصر أنه لابد من تطوير اليمن ، ويجب أن تتحرر من هذه النُظم ، ولكن دون جدوى.

أستطاع ضابطٌ في صفوف الجيش اليمني ( عبدالله السلال) الإنقلاب علي النظام الإمامي في اليمن ، وطلب من الرئيس جمال عبد الناصر مساعدات عسكرية ؛ من أجل أن يستطيع الوقوف أمام القبائل اليمنية الموالية للحكم الإمامي.

وقد كانت مصر بعد انفصال سوريا عنها عقب إنقلاب عبد الكريم المحلاوي في دمشق ، تواجه هجوم عليها من بعض القوي ، وصل إلي الحد الحصار الإقتصادي والسياسي.

وكان هذا من الأسباب التي جعلت الرئيس عبد الناصر ، يرسل دعم عسكري للعقيد عبدالله السلال ، ومن ضمن الأسباب أيضاً حماية ثورة اليمن ، الذي كان يأمل فيها عبد الناصر علي تنمية اليمن وتطويرها ؛ لأن بنمو اليمن وحركة عبدالله السلال ، سيتم التصدي للنفوذ الإنجليزي الإستعماري في منطقة الخليج العربي ، وكان عبد الناصر يأمل في تقليص هذا النفوذ من منطلق تحرر الشعوب من الإستعمار ، الذي كان احدي سياسات الزعيم الراسخة.

وقد استشار الرئيس عبد الناصر أفراد بعثة عسكرية ، كان قد أرسلها إلي اليمن أيام الرحمن الإمامي ، وأشاروا عليه بضرورة التدخل في اليمن ، وعلي هذا أصدر الرئيس أوامره بتوجيه كتيبة من الجيش المصري إلي صنعاء ، وقد انتهز الرئيس هذه الفرصة وقرر التدخل ؛ آملا أن يكسر الحصار السياسي المفروض علي مصر.

وبسبب نشاط المخابرات الأمريكية ، ودعمها للقبائل اليمنية المعادية للثورة ، استطاعت التغلب علي القوات العسكرية البسيطة التي أرسلتها مصر ، ونتيجة لهذا اضطر الرئيس عبد الناصر ، أن يرسل دعم عسكري للقوات الموجودة في اليمن ، واستمر أمر ارسال القوات العسكرية إلي اليمن ، واستطاعت هذه القوات تحقيق انتصارات ونجاحات هائلة ، وبعد أن استطاعت مصر أن تسيطر علي الموقف في اليمن ، اضطرت المملكة العربية السعودية إلي قبول الحل السلمي ، وهي التي كانت تؤيد إستمراية النظام الإمامي .

وقد نتج عن حرب اليمن تقلص النفوذ البريطاني ، كما أراد عبد الناصر ، ويتبين لنا أن الزعيم عبد الناصر لم يُدخل مصر في مسرح أحداث اليمن إلا من أجل المصلحة المصرية أولا ، ليس كما يظن البعض ، كما أنه أراد استكمال إستراتيجيته ، التي تعمل علي القضاء علي الإستعمار في كل بقاع العالم .

ولم تكن هزيمة مصر في عام ١٩٦٧ ، يعود إلي فشل القوات العسكرية وعدم كفاءتها ، ولا فشل قيادة عبد الناصر ، ولا حتي فشل القيادة العامة.

بل إن المشكلة تكمن في المؤامرة التي حدثت ضد مصر وجيشها ، الذي كان قد انتهي من عمليات حرب اليمن بشكل كبير ، إذ يفاجأ بمؤامرة دولية عليه ؛ لإسقاط نظام عبد الناصر الذي انهك قوي الإستعمار ، ويعمل من أجل القضاء علي نفوذه .

اصدر المشير عبد الحكيم عامر - القائد العام للقوات المسلحة - قرارا بإنسحاب القوات المصرية من شبه جزيرة سيناء ، وتكمن الكارثة الكبري ، أن هذه القوات لم يكن لديها أي خطة للإنسحاب ، مما اوقعها فريسة لسلاح الجو الإسرائيلي.

ولم يكن عبد الناصر علي علم بما حدث ، فقد كان الجيش المصري قادر علي خوض هذه المعركة والإنتصار ، وهذا ما أقر به الرئيس محمد أنور السادات ، أمام مجلس الشعب المصري في أكتوبر ١٩٧٣م ، وأن عبد الناصر لم يكن لديه علم بأمر الانسحاب.

ومما يُبين لنا براعة عبد الناصر في القيادة العسكرية ، أنه علي الفور استطاع السيطرة علي الأمور ، واعاد بناء القوات المسلحة ، فأعاد تنظيم القيادة أولا ، فأسند مَهمة وزارة الحربية والقيادة العامة للقوات المسلحة للفريق محمد فوزي ، ومهمة رئاسة أركان حرب القوات المسلحة للفريق عبد المنعم رياض ، وعمل معهم علي إعادة وتنظيم الجيش المصري ، وقاد الرئيس عبد الناصر عمليات المقاومة ، واستطاع خلال ثلاث سنوات ، أن يكبد العدو الإسرائيلي خسائر فادحة ، وبفضل ما فعله الرئيس عبد الناصر كان هذا سبباً في نصر أكتوبر عام ١٩٧٣ م ، وهذا ما اقر به الرئيس السادات أيضاً.


كان عبد الناصر عقلية عسكرية فذة ، ولم يكن كما يتصور البعض ، ولم يعمل عبد الناصر يوماً أمر إدارة الجيش المصري ، ولم يُلقي بأبناء الجيش المصري إلي التهلكة كما يتصور البعض.




google-playkhamsatmostaqltradent