حاتم عبدالرحيم
تستضيف العاصمة السعودية الرياض مؤتمر مستقبل التحلية الدولي، الحدث العالمي الأبرز لبحث مستقبل صناعة تحلية المياه.
انطلقت فعاليات المؤتمر، الذي تنظمه المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة، يوم الأحد، وتستمر خلال الفترة في 11-13 سبتمبر الجاري، بمشاركة أبرز كوكبة من الخبراء العالميين في تحلية المياه لاستكشاف التحديات والفرص المستقبلية في هذه الصناعة المزدهرة.
يتزامن الحدث الأول من نوعه عالميا مع ما توليه المملكة من اهتمام بالغ للاستدامة البيئية، في الوقت الذي يبحث التقدم وأبرز الإنجازات والحلول في مجال تحلية المياه المالحة.
خارطة طريق للمستقبل
يهدف مؤتمر مستقبل التحلية الدولي إلى المشاركة في إنشاء خارطة طريق لتطوير صناعة موارد المياه غير التقليدية حتى عام 2030.
ويستقطب المؤتمر أهم صانعي القرار في الصناعة مثل صناع السياسات والمسوقون ومطورو المشاريع ورؤساء معاهد البحوث وكبار المديرين التنفيذيين من جميع مراحل سلسلة التوريد، ولا شك أن حضورك لهذه القمة المرتقبة يمثل فرصتك لتشكيل القرارات التي يتخذونها بشأن المستقبل.
ويناقش المؤتمر أهم التحديات التي تواجه صناعة تحلية المياه عالميا، وكيفية تحويل تكلفة تحلية المياه إلى 0.32 دولار أمريكي للمتر المكعب، وكيف يمكن خفض انبعاثات الكربون الناتج من هذه الصناعة بنسبة 50٪، وطرق زيادة نسبة تدفقات الإيرادات غير المائية إلى 10٪ من الإجمالي.
كما يسلط المؤتمر الضوء على الفرص المستقبلية لمشغلي محطات التحلية وإدارتها ومعالجتها. ويسعى إلى مناقشة الحلول المستندة على البيانات، وآليات وسبل توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي في التحلية.
ويستعرض المؤتمر الاستراتيجية العالمية السعودية في مجال تحلية المياه، ويلقي الضوء على تجربة المملكة في تحلية المياه والتي تمتد لنحو نصف قرن، إذ أَنشَئت المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة في العام 1974، وشهدت تجربة تراكمية أسهمت في جعلها أكبر منشأة منتجة لمياه البحر المحلاة في العالم.
فرص وطموحات
استهل محافظ المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة المهندس عبدالله بن إبراهيم العبدالكريم، كلمته الترحيبية بالمشاركين والضيوف، واستعرض أبرز أعمال المؤسسة وطموحاتها.
وتحدث "العبدالكريم" عن الفرص المتاحة في تحلية المياه، كانخفاض تكلفة إنتاج المتر المكعب إلى 0.30 سنتا للمكعب الواحد، خصوصا في ظل توصل المملكة إلى تكاليف لا تتجاوز الـ 0.40 سنتا للمتر المكعب، والإمكانية الحالية لإنتاج المتر المكعب لأغراض الزراعة بما يصل لـ 0.15 سنتا.
وتناول المهندس طارق الغفاري، مدير إدارة مشاريع الكفاءات المحلية بالمؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة، في كلمته عن المياه في الفضاء كأحد الطموحات المستقبلية، والتي يتخذها المؤتمر شعارًا لانعقاده.
التفكير خارج الصندوق
ألقى المؤسس المشارك للرابطة الدولية للموارد المائية والمجلس العالمي للمياه الدكتور أسيت بيسواس، والذي عمل مستشارًا لـ 19 دولة لمناصب الرؤساء ورؤساء الوزراء، فضلًا عن عمله سكرتيرًا لمنظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي، الكلمة الرئيسية في المؤتمر عن مستقبل صناعة التحلية.
كما تطرق جيرد ليونارد، المصنف ضمن أفضل 10 متحدثين رئيسيين على مستوى العالم في حقول المستقبل، وصاحب الاهتمامات في العديد من المجالات بما فيها الذكاء الاصطناعي والحوسبة المعرفية والفرص والتحديات التي تواجه الإنسان، في كلمته إلى أهمية مثل هذه المؤتمرات في تحفيز الاهتمام، والتفكير خارج الصندوق للوصول إلى حلول مبتكرة.
وكان لافتا تركيز الكلمات والأطروحات التي قدمها المشاركون في اليوم الأول حول عدد من اهتمامات المستقبل لاسيما في الجانب المائي، مؤكدين أن التكنولوجيا الحديثة والمتسارعة التطور ساهمت في فتح نوافذ عديدة يمكنها أن تغير ملامح المستقبل والانتقال به نحو المزيد من النجاحات الإنسانية.
وأوضحت كلمات المتحدثين أن هذا التطور يمثل مفتاحًا للتقدم إلى الأمام في جميع الأنشطة الإنسانية، كما يمكن استغلاله في الوصول إلى حلول لتحقيق الاستدامة البيئية كخفض الانبعاثات الكربونية باستخدام أحدث التقنيات.وطالب المتحدثون بضرورة النظر إلى المستقبل بتفاؤل وإيجابية، مع العمل على استشرافه من خلال تلك النظرة.
اتفاقيات ومذكرات تفاهم
وفي ختام فعاليات اليوم، تم تدشين منظومة إنتاج وتوقيع عدد من الاتفاقيات، فقد وقعت المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة مذكرة تفاهم مع معهد الكويت للأبحاث العلمية لتعزيز التعاون في مجال تحلية مياه البحر وتوطين صناعة التحلية.
كما وقعت المؤسسة اتفاقية تعاون مع شركة التعدين العربية السعودية (معادن) بهدف تطوير التقنيات والاستفادة من الطاقة النظيفة، بالإضافة إلى مذكرة تفاهم مع دارة الملك عبدالعزيز، لتوثيق تجربة المملكة الرائدة عالميًا في صناعة تحلية المياه.
توسع محطة الجبيل
واحتفت المؤسسة العامة لتحلية المياه أثناء المؤتمر بالإعلان عن منظومة إنتاج المياه المحلاة بالجبيل (المرحلة الأولى)، والتي تجاوز عمرها التشغيلي أكثر من 43 عامًا، بعد دخول منظومة إنتاج المياه المحلاة بالجبيل (المرحلة الرابعة) في الخدمة بسعة إنتاجية 400 ألف متر مكعب يوميًا والتي هي إحدى مبادرات المؤسسة لرفع كفاءة الأصول.
الجائزة العالمية للابتكار
كما أعلنت المؤسسة عن إطلاق "الجائزة العالمية للابتكار في التحلية"، والهادفة إلى التشجيع على الابتكار لمواجهة التحديات التي يشهدها مجال التحلية.
وتسعى الجائزة لاستقطاب ألمع العقول ورواد الأعمال والباحثين لتقديم الحلول المبتكرة للتصدي للمعضلات في المجال، وسيتم الإعلان لاحقًا عن الجدول الزمني لتسلّم طلبات المشاركة في النسخة الأولى للجائزة.