كتبت : روان أشرف.
نحنُ نمر بأيام مفزعة لقد وجدنا الأبن يقتل أباه والفتاة تقتل أُمِها بدافع الميراث والأم والأب يتخلصون من أبنائهم من أجل أنهم يرونِهم أحمال مُثقلة عليهم والصديق يقتل صديقهُ بدافع غيرتهُ لأنه يري أن صديقه أفضل منه مادياً ،وعلمياً وايضاً القتلِ من أجل الشرف والكثيرُ والكثير؛ سودواية صور المجازر التي يلمع فيها صوتٍ حفيفُ السكين علي أعناق الأطفال ولا يُري فيها إلا رائحة الدماِء المتبقية علي ملابس الجناة التي لا تدع اي مجالٍ للشك بأن مرتكبها يغرِق في نشوة تدفعه إلي المسارعة للقتلِ وكأنه في موعد للقاء محبوبتهِ فلا يتردد ولو لحظةً واحدة بأن يتراجع عن قتل روحٍ ،كما أن تعاطي المخدرات والكحولات هي المظلة لهذه الجرائم والسبب الرئيسي في حوادث القتلِ المنتشرة هذه الفترة ،ومع تكرار الأمرِ من حين لأخر يسدلُ الستار فيها بأن القاتل مريض نفسي وبهذا كان الدليلُ واضح علي تقزم الإنسان فأصبح قاتلاً وحش بحجم إنسان .
وأوضح الدكتور عبدالرحمن حارس أحد الأطباء النفسيون الحاصل على درجة الماجستير والدكتوراة في علم النفس ،أن العديد من حالاتِ القتل من أجل الشرف ليست حالات مرضية لكنها ناتجة عن سلوك عدواني من شخصٍ متشكك تعرض لصدمة تتعلق بالشرف وهذه الفئة تشعر دائماً أنهم محور الكون وترتفع لديهم الغرور والنرجسية وعندما يتعرضون لصدمة يتحولون لأشخاص عدوانيين متعطشين للدماء لكونهم رافضون أنهم تعرضون للطعن من الأشخاص المُقربة إليهم .
ويضيف "حارس" أن أنتشار الجرائم التي كونها مرض نفسي معضلة لايزال يعاني منها المجتمع ،حيثُ أن المرضي الذين يرتكبون هذه الجرائم غير مدركون لما يفعلونه خاصة ان المريض النفسي يخفي حقيقة مرضهُ خشية أن يوصف بالجنون فيبقي متصلاً بمجتمعه متفاعلاً معه ويكون قادراً علي مواصلة عملهُ بخلاف المريض الذي بداخله فلا يُسأل جنائياً وقت ارتكاب الجريمة لمعاناته من إضطراب نفسي أو عقلي افقده الإدراك والاختيار أو الذي يُعاني من غيبوبة ناشئة عن عقاقير مخدرة أيا كان نوعها .
ويوجه "حارس" رسالة إلي جميع الأسر بأن يحرصون دائماً علي مراقبة ابنائهم وملاحظة أي تغيير في السلوك فإذا لاحظو أي تغير أو تشتت في تصرفاتهم وفي مستوي التفاعل الإجتماعي عليهم التوجه لطبيب نفسي حيثُ كل هذه المؤشرات تدل علي دق ناقوس لخطر قادم .
وأضافت الدكتورة سما نصار معالجة نفسية أن الطب النفسي يلقي الضوء علي السؤال المطروح في وقائع القتل التي يتخذ فيها المريض بأنه يعاني من حالة نفسية هل هو مدرك لما يفعله أم أنه يخترع هذه الحُجة لكي لا يُعاقب عليها قانونياً ؟ وهنا دور الطب النفسي يُبرز دورهِ بكل براعة حيثُ يتم إيداع القاتل بإحدي مستشفيات الأمراض النفسية والعصبية وذلك بغرض وضعه تحت الملاحظة لمدة 45 يوماً وإذا ثبت أنه يعاني من إضطراب نفسي أدي إلي إنقاص إدراكه أو اختياره وهُنا تأخذ المحكمة في اعتبارها هذا الظرف عند تحديد مدة العقوبة .
وبأستشارة أحد علماء الازهر فضيلة الشيخ الدكتور "عبد المنعم فؤاد "يطُرح لنا بعض من أسباب القتل قائلاً يُعرف القتل بأنه لغة علي إرهاق روح الأنسان أو إماتته او الفتك به أو ذبحه ومن الجدير بالذكر أن الإسلام حفظ النفس البشرية من العدوان حيثُ ان الغاية من أحكام الشريعة الإسلامية حفظ الضرورات الخمس وتجدر الإشارة إلي أن جريمة قتل المؤمن من أبشع الجرائم وأكبر الكبائر ووافظع الذنوب في الإسلام ، وقد توعد الله تعالي لمن يقتل نفسً أخري حيث قال : "ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنهُ وأعد له عذاباً عظيماً "،وقد رويت الكثير من الأحاديث التي حذر فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم من العدوان علي نفس المؤمن ومنها قوله "لزوال الدنيا أهون علي الله من قتل مؤمنٍ بغير حق .
ويضيف "عبد المنعم" لا يقتصر الوعيد علي القاتل فقط بل تشمل كل من كان حاضراً للقتل وكان يستطيع منعهُ أو الحيلولة دون وقوعه ولم يفعل أو شجع القاتل علي القتل أو أعانه علي ذلك حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لو أن أهل السماء والأرض اشتركوا في دم مؤمن لكبهم الله عزوجل في النار .
فالنسارع الآن، وليس الغد إلي تقرير ، وبث مادة الثقافة الدينية في كل الفئات لتوعية هؤلاء الشباب الذين يلقون بأنفسهم في ارض هلاك لا عودة منها إلي ارضِ الواقع ، ويكفي ما نراه الآن من كوارث ، ومن فتن تحل بالجيل المُعاصر ودور الدين هو إعادة القدوة الحسنة وتوعية الشباب للعودة إلي الله مرة اخري وأن نتذكر قول الله دائما ً "ولا تقتلو أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً ومن يفعل ذلك عدواناً وظلماً فسوف نصليه ناراً وكان ذلك علي الله يسيراً .