كتب/ أحمد عبدالحميد
في الوقت الذي أيدت فيه مصر قرار الأمم المتحدة المطالب بانسحاب القوات الروسية من أوكرانيا، رفضت توظيف العقوبات الاقتصادية ضد موسكو في الأزمة، ما يشير إلى أن القاهرة تتبنى موفقاً مدروساً تحاول به إمساك العصا من المنتصف.
فعقب تصويت مصر لصالح قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى جانب 141 دولة أخرى للمطالبة بانسحاب القوات الروسية فوراً من أوكرانيا، أصدرت بياناً على لسان مندوبها الدائم في نيويورك رفض ما وصفه بـ"منهج توظيف العقوبات الاقتصادية خارج إطار آليات النظام الدولي متعدد الأطراف"، داعياً لحلول دبلوماسية.
هل الحياد العربي من الغزو الروسي لأوكرانيا ممكن؟
انقسام حول أداء السلطات المصرية في إجلاء العالقين في أوكرانيا
وفي حديث لبي بي سي، ترى أستاذة العلوم السياسية في جامعة القاهرة، نورهان الشيخ، أنه من الصعب على مصر أن "تتخندق" وتتجه لتأييد طرف دون الآخر، لأنها "تحتفظ بمصالح مع جميع الأطراف، ولن تكسب شيئاً من أي انحياز".
أكبر مستورد للقمح
للقاهرة مصالح استراتيجية مع الولايات المتحدة التي تمدها بالمعونات العسكرية وتعتبرها شريكاً مهما في الشرق الأوسط، وكذلك مع أوكرانيا والاتحاد الأوروبي، إذ تأمل مصر أن تكون مركزاً لتصدير الغاز إلى العديد من دوله.
وفي المقابل، لطالما حققت روسيا تاريخياً التوازن في سياسة مصر الخارجية، خاصة عندما تتوتر العلاقات بدول الغرب أو فيما يتعلق بالتسليح، أو حين تكون هناك خلافات مصرية-أمريكية بشأن ملف حقوق الإنسان في مصر، وهو ملف مثير للجدل.يضاف إلى ذلك أن القاهرة تحتاج روسيا في ملفات مثل سد النهضة وليبيا وتمويل مفاعل الضبعة النووي في مصر بقرض روسي. كما تعد مصر أكبر مستورد للقمح في العالم، وتعتمد بشكل أساسي على روسيا وأوكرانيا لتلبية احتياجاتها منه.
وتضيف الشيخ أنه إضافة إلى ذلك بدت السياسة الخارجية لمصر على مدى تاريخها بهذا القدر من التوازن، إذ أسست القاهرة حركة عدم الانحياز قبل عقود، رغم أن الاعتبارات الجيوسياسية وطبيعة موقع مصر الجغرافي تجعل بعض الدول تطالبها بتبني مواقف حادة.
دعوة للحلول الدبلوماسية
وقبل التصويت لصالح قرار الأمم المتحدة بيومين، دعت مجموعة الدول السبع الصناعية إضافة إلى الاتحاد الأوروبي، عبر سفراء القاهرة، إلى إدانة الغزو الروسي لأوكرانيا.
وقالت الدول السبع التي تضم كندا وفرنسا وإيطاليا واليابان والمملكة المتحدة والولايات المتحدة في بيان إن مصر دعمت منذ عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول كأساس للنظام الدولي الحديث.
وتلفت المستشارة بمركز الشؤون الدولية في روسيا، يلينا سوبونينا، إلى أن الدول الغربية تدرك أهمية العلاقات بين القاهرة وموسكو التي تطورت كثيراً، لذلك هناك تركيز على كسب موقف مصر لمزيد من الضغط على روسيا.
كما دعت القاهرة جامعة الدول العربية إلى اجتماع طارئ للتباحث بخصوص الأزمة، واكتفت الجامعة العربية بعدها بالإعراب عن القلق والمطالبة بتبني حلول دبلوماسية.
ونفت هيئة قناة السويس قبل أيام إمكانية أن يُغلق ممر القناة أمام السفن الروسية موضحةً أن القوانين الملاحية البحرية لا تخضع للتقلبات السياسية والحروب.
وتشير كل الخطوات التي انتهجتها مصر تجاه الأزمة إلى أن الدبلوماسية المصرية ترسم بعناية موقفًا لا يعارض مبادئ الأمم المتحدة ولا يضر بمصالحها المتشابكة بين الغرب وروسيا، وليس متوقعا أن يتغير هذا الموقف كثيرا إذا ما طال أمد الأزمة.