كتب/ حامد خليفة
حصلت الباحثة دينا السيد عشري حسن على درجة الدكتوراه بإمتياز مع مرتبة الشرف الأولي، في رسالتها المقدمة لقسم السياسة والإقتصاد بكلية الدراسات الأفريقية بجامعة القاهرة - بعنوان:" العلاقات الإثيوبية بالدول الإقليمية غير العربية منذ إنتهاء الحرب الباردة دراسة خاصة لكل من إسرائيل وإيران وتركيا"، بعد مناقشة الباحثة من قبل اللجنة المُشكلة من الأستاذ الدكتور محمود محمد أبوالعينين، استاذ السياسية وعميد كلية الدراسات الأفريقية العليا السابق، المشرف الرئيسي على الرسالة، والأستاذ الدكتور: نجاح عبد الفتاح الريس، أستاذ العلوم السياسية ، بكلية السياسية والإقتصاد ـ جامعة بني سويف، والأستاذة الدكتورة: شيماء محي الدين، أستاذ العلوم السياسية المساعد بكلية الدراسات الأفريقية العليا، جامعة القاهرة، أعضاء لجنة المناقشة والحكم.
حيث إستعرضت الباحثة لموضوع العلاقات الإثيوبية مع الدول الإقليمية غير العربية إسرائيل وإيران وتركيا، وتأثير هذه العلاقة على أمن المنطقة العربية وخاصة الأمن القومي المصري، وحول دوافع تلك الدول في تعاونها مع إثيوبيا، مبينه أن دول الجوار الإقليمي غير العربية،حاولت استغلال حالة الضعف الاستراتيجي، التي تتسم بها المنطقة العربية في الفترة الأخيرة، وراحت تبحث عن أدوات جديدة لإحياء وتدعيم أدوارها الإقليمية. ويمثل التوجه جنوبًا نحو منطقة شرق أفريقيا، وخاصة إثيوبيا أبرز الملامح المشتركة التي تجمع بين هذه الدول الثلاث التي تحلم باستعادة أمجادها الإمبراطورية القائمة بعضها على اعتبارات تاريخية أو اعتبارات أيديولوجية ، أو أطماع سياسية واضحة.
وأكدت الباحثة أن العلاقات الإسرائيلية ـ الإثيوبية تتميز بتشعب أطرها وتعدد موضوعاتها، الشيء الذي يعكس تنوع المصالح المتبادلة بين الطرفين والذي جاء بفعل سياسات تعود إلى خمسينيات القرن العشرين، في الوقت الذي تظل فيه مسألة يهود الفلاشا، والمياه والصراع العربي الإسرائيلي هي التي تتبادر إلى الأذهان عندما تثار العلاقة التي تربط إسرائيل بإثيوبيا.
تعتبر العلاقة بالنسبة لإسرائيل حيوية واستراتيجية، كما أن العلاقة الثنائية بين إسرائيل واثيوبيا لا زال يدور حولها جدل كبير منذ أكثر من نصف قرن بين صعود وهبوط، شهدت أجواء من الهدوء والفتور مع النظام الإثيوبي الحالي إلا أن زيارات المسؤولين الإسرائيليين المتتالية إلى إثيوبيا أعطى هذه العلاقات زخماً وأبعاداً جديدة بعودة هذه العلاقات إلى عهدها الطبيعي.
وأشارت إلى أن إثيوبيا أصبحت في الآونة الأخيرة، أكثر إعتمادا على إسرائيل، خاصة في مجال الإستثمار الزراعي، والمشروعات المائية، والتجارة الخارجية، التي نمت بشكل غير مسبوق.
ولتفتت الباحثة أن إثيوبيا تنظر إلى إيران كدولة ذات علاقات قديمة معها، وكشريك إقتصادي محتمل. كما تري إثيوبيا أن إيران لا تمثل خطرا بالنسبة لأمنها القومي، باستثناء بعض المشكلات التي يمكن أن تنجم عن الدعم الإيراني لبعض الجماعات الإسلامية التي تصنفها إثيوبيا كجماعات متطرفة.
وقد تطورت العلاقات بين الطرفين في الوقت الراهن، وأنعكس ذلك في توافق سياساتهما (الرسمية) في كثير من القضايا الدولية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، وقضية البرنامج النووي الإيراني، حيث أعلنت إثيوبيا في مناسبات عديدة تأييدها لحق إيران في امتلاك تكنولوجيا نووية للأغراض السلمية.
الأمر ذاته يحدث مع تركيا، حيث ينظر صناع السياسة الإثيوبية إليها كسوق واسعة وقريبة، وكدولة قطعت شوطًا مهما على طريق نبذ التطرف الديني، والإصلاح السياسي، والتطور الديمقراطي، وأنها لا تشكل تهديدا آنيا أو مستقبليا للأمن القومي الإثيوبي، بل هي دولة منابع لنهري الفرات ودجله، مثل إثيوبيا كمنبع للنيل الأزرق، وبالتالي، يصبح توثيق العلاقات معها أمرا حيويًا من أجل تدعيم وتعظيم المصالح الإقتصادية الإثيوبية، خاصة في مجالات التجارة الخارجية، والإستثمارات، والمساعدات التقنية، والمشروعات المائية،
كما تبنت إثيوبيا سياسة من شأنها جذب الإستثمارات التركية إلى السوق الإثيوبية، وتقوية الروابط بين مؤسسات الأعمال في البلدين، وتطوير المنتجات الإثيوبية لتصبح قادرة على دخول السوق التركية، والقضاء على أي معوقات تحول دون تنمية العلاقات السياسية والإقتصادية بين الجانبين، مشيرة إلى أن الجانبين عمل على جدية هذه العلاقة من خلال بناء شراكة اقتصادية، فإثيوبيا تعتبر تركيا شريكًا إقتصاديًا حقيقيًا في التنمية.
وانتهت الباحثة باقتراح عدة توصيات من أهمها: ضرورة السعي من قبل الدول العربية والأفريقية، ومصر والسودان على وجه الخصوص إستغلال أدواتها السياسية والاقتصادية لتعميق تواجدها داخل محيطها الأفريقي خاصة إثيوبيا والتعاون المستمر في حل الأزمات والصراعات، وتسوية المشكلات والنزاعات العرقية التي تهدم عدد من دول أفريقيا، وبالتحديد ما شهدناه في إثيوبيا نهاية العام 2020 حتى نهاية 2021م ، ناهيك عن ضرورة مشاركة الدول العربية في حل الأزمات الإقتصادية التي تعاني منها دول القرن الأفريقي، وبالتحديد إثيوبيا.
كذلك إستغلال الادوات الاجتماعية والثقافية التي تمتلكها الدول العربية وبالتحديد مصر لمواجهة النفوذ الاسرائيلي الإيراني التركي، والتي توفر أسس القوة الناعمة التي تستخدمها الدول الإقليمية للتأثير وتغيير الصورة الذهنية لدي الأفارقة من أجل تطوير العلاقة بين الجانبين العربي والأفريقي،
مع العمل على تفعيل دور الإتحاد الأفريقي في تنقية الأجواء في منطقة القرن الأفريقي، وإنهاء الخلافات، خاصة بين(اثيوبيا ومصر والسودان)، وفى نفس الوقت النظر في صياغة مبادرة تتضمن رؤية لنظام " إقليمي أمنى لدول منطقة القرن الأفريقي" تُراعَى فيه علاقات بين الدول، على نحوٍ يتم بموجبه إنهاء حالة العداء، والتوجه نحو ترسيخ العلاقات على أسس من علاقات حسن الجوار وعدم التدخل في الشئون الداخلية والأمن المشترك.
بالإضافة إلى ضرورة تشكيل "هيئة إقليمية لدول القرن الأفريقي" تكون معنية بإدارة الموارد الطبيعية للدول، بالإضافة لإنشاء "منطقة إقليمية لوجستية"، والإستفادة من الخبرات المصرية في هذا الشأن، للإستفادة من الموقع اللوجستى والجيوبولوتيکى لدول المنطقة، وإقامة تجمع اقتصادي عربي أفريقي يضم دول المنطقة والدول العربية، للتحول نحو "الإقتصاد الأخضر" متخذاً من" الإقتصاد الأزرق" أساساً ومنطلقًا، وفقًا لبرنامج الأمم المتحدة للتنمية المستدامة 2030م، وبرنامج الإتحاد الأفريقي 2063م للتنمية المستدامة.